الأحد، 7 أبريل 2013

المستوى الإعدادي الأول: ثقافة الحكمة:



نحو ثقافة الحكمة:

ثقافة الحكمة هي تلك الثقافة البعيدة عن اللغو والسفسطائية وكل كلام غير ضروري ومفيد ..وللأسف فإن ثقافتنا اليوم ثقافة إفاضة في فكرة لا ثقافة إفاضة أفكار ...ولهذا ندعو : إلى ثقافة هادفة أولا ليس هدفها التثقيف فقط بل التفعيل والعمل..وننهج أسلوبا ميالا إلى الإيجاز وعمق الفكرة :" وخير الكلام ما قل ودل" وتلك ثقافة الحكمة.و الحكمة ضالة المومن:
"الحكمة ضالة المومن أينما وجدها فهو أحق بها"
وهو حديث شريف أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غاية من أسمى غايات المومنين، وليس كل مسلم بمومن " قالت الأعراب آمنا قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم"فللمومن إذن ضالة في هذا ا لحديث وهي ا بتغاء الحكمة والتي تعني لغة:"صواب الأمر وسداده ،والكلام الموافق للحق، كما تأتي بمعنى "القول العدل والعلم والفلسفة الحقة"وهي كما عرفها الإمام البخاري:" الصواب دون نبوة".
والحديث يشير إلى أن المومن أحق بهاته الحكمة من أي إنسان آخر..ولهذا وجب عليه البحث عنها أينما سطرت ومن أي فم لفظت :" خد العلم ولو من أفواه السفهاء"و" أطلبوا العلم ولو في الصين"ولا أحد ينكر اليوم أن العلاقة بين العلوم الحقة والحكم أصبحت أكبر من وطيدة ، حتى أمكن أن نقول بأن الحكمة بمفهوم العصر هي القاعدة العلمية، ولهذه القاعدة في أي علم من العلوم شروطها وأصولها بل وقواعدها ومبادؤها ..ولا غرابة إن كانت اليوم كل العلوم تؤكد الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة في الإسلام دون سا ئر الديانات :لأن الإسلام دين الحقائق المحكمة ولو تشابهت ..ودين المنطق السليم والمعـقول والمنقول: بل و يكاد يكون المنهاج العلمي الوحيد في كل علوم الدين هو "النقل بالعقل" وهذا هو الباب الأكبر للوصول للحق والحكمة..وكل السبل دو نه سراب.."قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"..والحكمة العرفانية الحقة أيضا هي التي لا تتناقض مع العقل .
فابتغاء الحكمة إذن من نوا فل الدين إن لم نقل من فرائض الإحسان ..إذن هي عبادة يتعبد بها الباحث لله عز وجل..وأول ما يكتسب منها تعميق الفكر و الإيمان ا للذان ربما أوصلا المفكر إلى اليقينيات، ولم لا إلى علم اليقين وعلوم حقائق الإيمان؟ والتي لاتخلوا منها كتب العرفان.. إذن فالحكمة هي أسمى ما يمكن أن ينتجه العقل الإنساني وهي الفكرة التي تظهر أحقيتها بكل إيجاز وبكل منهاج..وهي الجملة التي يحتوي مبناها على العديد من المعاني والإشارات، وتحسم حسما في موضوعها كجوامع الكلم التي أوتي رسولنا الكريم ص ..وهي عادة ما تكون غنية البيان بليغة كلما ازددت فيها تمعنا كلما ازددت تبصرا وفهما..كما قال الله عز وجل عن الآيات الكريمة :
" حكمة بالغة فما تغني الندر"آية5 السورة54
فالآية القرآنية إذن أ قل ما نقول عنها أنها حكمة ، لكن فوق مستوى البشر بما فيهم الأنبياء، كما أن حكمة الأنبياء فوق مستوى حكمة من سواهم ولو كانوا أولياء..ولهذا كانت وظيفة الرسالات والرسل الأولى هي تبليغ الحكمة الربانية لحد تربية الحكماء كما يشير قوله تعالى:"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون" "الآية231السورة2..فمن مهمات الوحي إذن:
ــ تلاوة آيات الله عز وجل.
ــ التزكية بكل معانيها
ــ تعليم الكتاب
ــ تعليم الحكمة
ــ تعليم ما خفي سالفا
ونلاحظ ان كل وظيفة تثمر تابعتها: فبتلاوة الآيات وتطبيقها تكون التزكية ،فترقى التلاوة لمستوى التعلم للكتاب ولم شتات الآيات لفهمها في إجمالها وشمولها..ولهذا كان علم الكتاب فوق مستوى تلاوة آياته فقط...إذ لا يمكن أن يعلم علم الكتاب إلا من طبق آياته بعمق يفيض الروح .
ولا شك في أن من ارتقى إلى علم كتاب ا لله تعالى رقى إلى الحكمة في أعلى مستوياتها.. لحد الكرامات كما في قوله تعالى :" وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" كما أن هاته الحكمة يمكن أن توهب للعبد بدراسة أو بغيرها كما قال الله تعالى عن لقمان :" ولقد آتينا لقمان الحكمة.." آية12 السورة 31أو قوله تعالى: " يوت الحكمة من يشاء ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكرإلاأولواالألباب " إذن فهي وهب للعقول المنيرة والواسعة ،الأمر الذي يبرز غنى العامة عنها وعن دررها وجواهرها..بل وهاته الحكمة وهب حتى للرسل : "وإذ أخد الله ميثاق النبيئين لما آتيناكم من كتاب وحكمة"آية 47السورة3.
فالحكمة إذن صنفان :
ــــ حكمة موحاة من الله بواسطة أوغير واسطة كما حال الأنبياء
ـــ حكمة إلهام كما حال الأولياء والحكماء والشعراء ...
لكن تعلم الحكم يجب أن يكون غايته التقرب لله وطاعته بالعمل بها حتى لاتكون حجة على المتعلم.ومن الواجب تبليغها كما شرف الله بهذا آل البيت بقوله سبحانه:"واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة"آية34السورة 33.بل وجعلها الله من أهم وسائل الدعوة وا لحوار كما في قوله تعالى : "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظةالحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن .."آية 125السورة 16
ولهذا ندعوا في علمنا هذا علم العمل بالكتاب إلى الإهتمام بحكم كل الآيات..ونجعل هاته الحكم الشاملة هي الثقافة التي نسعى إليها عوض الإنشاءات المفيضة التي غالبا ما تفقد التفسير جوهرية الآيات. وذلك بهدف حفظ عقول المسلمين من ثقافات اللغو والجدل والمراء والسفسطائية وذلك نحو تنوير علمي عملي حكيم:
ولن يتاتى ذلك إلا بوعينا الكبير بالواقع جملة وتفصيلا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق